شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
121533 مشاهدة
لباس الحج والحكمة من تشريعه

ثم تجرُّد المحرم من لباسه المعتاد، ولباسه لهذا اللباس -الذي هو لباس خاص- لا شك أن الحكمة فيه، الحكمة أن يستشعر بأنه في عبادة، كل من رآه وهو على هذا اللباس عرف أنه محرم، وكل من رآه هنأه بهذا اللباس، وقال: هذا محرم فعليكم أن تعرفوه. فيعرف بهذه الهيئة وهذه اللبسة.
ومن الحكمة في ذلك أن يكون الناس كلهم على لباس واحد، كل المحرمين حجاجا أو عمارا يكونون على لباس واحد، يستوون في ذلك، فلا فرق بين أمير وخادم، ولا فرق بين ملك ومملوك، ولا فرق بين غني وفقير، وهذه التسوية لا شك أن الحكمة فيها أن يعرفوا ويعترفوا أنهم جميعا خلق الله، وأنهم عبيده، وأنهم ملكه -سبحانه وتعالى- وأنه لا فضل لأحدهم على آخر كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لا فضل لعربي على عجمي ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى ؛ فيتواضعون لربهم، ويخضعون له ويخشعون.
كذلك أيضا يعرفون أن هذه اللبسة شبيهة بلبسة الموتى، شبيهة بأكفان الميت، الميت إذا خرج من الدنيا يلف في مثل هذا اللباس، يلف في ثوبين أو ثلاثة أثواب، يدرج فيها إدراجا، فيتذكر الذي يلبس هذا اللباس يتذكر أن هذا شبيه بلباسه إذا خرج من الدنيا، فيحمله ذلك على أن يتأهب، ويأخذ الأهبة، ويستعد للرحيل، يستعد للموت ولما بعد الموت.
كذلك أيضا في هذا اللباس حكمة عظيمة، وهي أن يشعر بأنه ولو ملك ما يملك من الدنيا فإن ذلك كله زائل وذاهب عنه، وأنه لا يبقى معه إلا عمله، وإنما لبس هذا لأجل أن يستر بدنه، لا شك أن هذا من حكم الله تعالى الحكم العظيمة التي بينها وأخبر بأهميتها، والتي شرعها لأجل أن يتأهب العباد ويعرفوا.